هو عُمر بن مختار بن عُمر المنفي الهلالي ( 20 أغسطس 1858 - 16 سبتمبر 1931 ) المُلقب بشيخ الشهداء ، وشيخ المجاهدين، وأسد الصحراء. هو قائد أدوار السنوسية في ليبيا ، وأحد أشهر المقاومين العرب والمسلمين، ينتمي إلى بيت فرحات من قبيلة منفة الهلالية التي تنتقل في بادية برقة.
من مواقفه المشهورةحينما قالو له: ياعمر إيطاليا لديها طائرات لانمتلكها
فكان رده رحمه الله: " أتحلق فوق العرش أم تحته " ؟
قالوا: تحته، فرد عليهم وقال: "إن كان من فوق العرش معنا، فلا يخيفنا من تحته " أنظر لقوة الإيمان
في عام 1911 أعلنت إيطاليا الحرب على الدولة العثمانية، وشرعت في إنزال قوَّاتها بمدينة بنغازي الساحلية شمال برقة في 19 أكتوبر الموافق للرابع من شوال عام 1329هجرية، و في تلك الأثناء كان عمر المختار في مدينة الكفرة بقلب الصَّحراء في زيارة إلى السنوسيين.
وعلم وهو فيها بخبر نزول الإيطاليين فعاد مسرعًا إلى زاوية القصور لتجنيد أهلها من قبيلة العبيد لمقاومة الإيطاليّين ونجح بجمع 1000 مقاتل معه, وأول الأمر أسَّس عمر المختار معسكراً خاصًا له في منطقة الخروبة ثم انتقل منها إلى الرجمة حيث التحق هو والمقاتلين الذين معه بالجيش العثماني. وهناك انضموا إلى الكثير من المقاتلين الآخرين ، وأصبح المعسكر قاعدةً لهم يخرجون منها باستمرارٍ في غارات على القوات الإيطالية، وقد رافق عمر المختار في هذه المرحلة من حياته الشيخ محمد الأخضر العيساوي.
في عام 1912 اندلعت حروب البلقان فأجبرت الدولة العثمانية على عقد صلح مع إيطاليا، واضطرَّت نتيجة لذلك القوات العثمانية التي تقاتل الإيطاليين في برقة للإنسحاب إلى الأستانة، وقد أثار هذا الإنسحاب سخط المقاتلين الليبيين فأصرُّوا على الجند العثمانيين أن يعطوهم أسلحتهم فرفضوا، وعندما يئس المقاتلون أطلقوا النار على العثمانيين، فنشبت معركة سقط فيها قتلى من الطرفين ، وعندما تأزَّم الوضع أُرسِلَ عمر المختار لفضّ النزاعة، فلحق بالمقاتلين ونجح بإقناعهم بالعودة والتخلّي عن فكرة قتال العثمانيين.
ظلَّ عمر المختار في موقع قيادة القتال ضد الطليان بكامل برقة حتى وصول أحمد الشريف السنوسي إلى درنة في شهر مايو من عام 1913 الموافق لجمادى الآخرة عام 1331 هـ، فاستلم هو القيادة وظلَّ عمر المختار عوناً كبيراً له، إلا أن أحمد الشريف هاجر فاستلم القيادة الأمير محمد إدريس السنوسي.
في عام 1923 وبعد أن عاشت مستعمرة ليبيا الإيطالية لعدّة سنواتٍ في هدوء نسبيّ مع ضعف في سيطرة الطليان، قرَّرت الحكومة الإيطالية تغيير سياستها اتّجاه ليبيا جذرياً، فقرَّرت قلب سياستها مع الحركة السنوسية من الحوار والتفاهم إلى الحرب والإخضاع بالقوة.
خلال تلك الفترة كانت إيطاليا تصب اهتمامها على مدينة برقة التي لم تستطع احتلالها منذ أن زحفت جيوشها على أجدابيا سنة 1923، وانحصرت مجهوداتها على معسكرات عمر المختار الذي لم يخرج يومًا من معركة إلَّا ليدخل في معركة أخرى وقد قام عمر المختار بتأسيس معسكرٍ للمجاهدين في الجبل الأخضر.
في شهر أكتوبر سنة 1930 تمكن الطليان من الاشتباك مع المجاهدين في معركة كبيرة عثروا عقب انتهائها على نظّارات عمر المختار ، كما عثروا على جواده المعروف مجندلًا في ميدان المعركة؛ فثبت لهم أن المختار ما زال على قيد الحياة.
وأصدر الحاكم الإستعماري غراتسياني منشورًا ضمنه هذا الحادث حاول فيه أن يقضي على "أسطورة المختار الذي لايقهر أبدًا" وقال متوعدًا ( لقد أخذنا اليوم نظارات المختار وغدًا نأتي برأسه ) وإثر اشتباك في أحد الوديان قرب عين اللفو، جرح حصان عمر المختار فسقط إلى الأرض، وتعرّف عليه في الحال أحد الجنود المرتزقة الليبيين. يقول المجاهد التواتي عبد الجليل المنوفي، الذي كان شاهدًا على اللحظة التي أُسر فيها عمر المختار من قبل الجيش الإيطالي : ( كنَّا غرب منطقة سلنطة هاجمنا الأعداء الخيَّالة وقُتل حصان سيدي عمر المختار فقدَّم له ابن اخيه المجاهد حمد محمد المختار حصانه وعندما همَّ بركوبه قُتل أيضًا وهجم الأعداء عليه .. ورآه أحد المجندين العرب وهو مجاهد سابق له دوره ذُهل واختلط عليه الأمر وعزَّ عليه أن يُقبض على عمر المختار فقال : "يا سيدي عمر .. يا سيدي عمر!!") فعرفه الأعداء وقبضوا عليه .. وردَّ عمر المختار على العميل العربي الذي ذكر اسمه واسمه عبد الله بقوله : "عطك الشر وابليك بالزر".
نُقل عمر المختار إلى مبنى بلدية سوسة، ومن هناك على ظهر طرَّاد بحري إلى سجن بنغازي مُكبّلًا بالسلاسل، يقول غراتسياني في مذكراته أنَّه خلال الرحلة إلى بنغازي، تحدَّث بعض السياسيين مع عمر المختار ووجهوا إليه الأسئلة، فكان يجيب بكل هدوء وبصوت ثابت وقوي دون أي تأثر بالموقف الذي هو فيه.
وقال أيضًا:( هذا الرجل أسطورة الزمان الذي نجا آلاف المرات من الموت ومن الأسر واشتهر عند الجنود بالقداسة والإحترام لأنه الرأس المُفكر والقلب النابض للثورة العربيَّة (الإسلاميَّة) في برقة وكذلك كان المُنظم للقتال بصبر ومهارة فريدة لا مثيل لها سنين طويلة والآن وقع أسيرًا في أيدينا ).
ولما سُئل الشريف الغرياني عن نوع الثياب التي كان يرتديها عمر المختار أهي ثياب السجن أم ثيابه التي وقع بها في الأسر كان جوابه بيتان من الشعر :
عليه ثيابٌ لو تُقاس جميعها
بفلسٍ لكان الفلسُ منهن أكثرا
وفيهنَّ نفسٌ لو تُقاس ببعضها
نفوس الورى كانت أجلَ وأكبرا
أصبح عمر المختار عند العرب عمومًا والمسلمين منهم خصوصًا شهيدًا بطلًا، ومثال القائد الصالح صاحب العقيدة السليمة السويَّة، الذي بذل نفسه وماله للدفاع عن دينه وبلده ضدّ عدو عنصري لا يعرف الشفقة.
من أقواله الأخيرة قبل إعدامه :
« نحن لا نستسلم ... ننتصر أو نموت ... وهذه ليست النهاية... بل سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم والأجيال التي تليه ... أمَّا أنا ... فإن عمري سيكون أطول من عمر شانقي ».
إرسال تعليق